فصل: قال سيد قطب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال سيد قطب:

سورة الطلاق:
الدرس الأول: 1 قضاء المطلقة عدتها في بيتها:
{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}..
هذه هي أول مرحلة وهذا هو أول حكم يوجه الخطاب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم {يا أيها النبي}.. ثم يظهر أن الحكم خاص بالمسلمين لا بشخصه صلى الله عليه وسلم: {إذا طلقتم النساء...} إلخ فيوحي هذا النسق من التعبير بما وراءه، وهو إثارة الإهتمام، وتصوير الجدية. فهو أمر ذو بال، ينادي الله نبيه بشخصهليلقي إليه فيه بأمره، كما يبلغه لمن وراءه. وهي إيحاءات نفسية واضحة الدلالة على ما يراد بها من احتفال واحتشاد.
{إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن}..
وقد ورد في تحديد معنى هذا النص حديث صحيح رواه البخاري ولفظه: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني سالم، أن عبد الله بن عمر أخبره أنه طلق امرأة له وهي حائض، فذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «ليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر بها الله عز وجل»..
ورواه مسلم ولفظه: «فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء»..
ومن ثم يتعين أن هناك وقتا معينا لإيقاع الطلاق؛ وأنه ليس للزوج أن يطلق حينما شاء إلا أن تكون امرأته في حالة طهر من حيض، ولم يقع بينهما في هذا الطهر وطء. وتفيد آثار أخرى أن هناك حالة ثانية يجوز فيها الطلاق، وهو أن تكون الزوجة حاملا بينة الحمل. والحكمة في ذلك التوقيت هي أولا إرجاء إيقاع الطلاق فترة بعد اللحظة التي تتجه فيها النفس للطلاق؛ وقد تسكن الفورة إن كانت طارئة وتعود النفوس إلى الوئام. كما أن فيه تأكدا من الحمل أو عدمه قبل الطلاق. فقد يمسك عن الطلاق لو علم أن زوجه حامل. فإذا مضى فيه وقد تبين حملها دل على أنه مريد له ولو كانت حاملا. فاشتراط الطهر بلا وطء هو للتحقيق من عدم الحمل، واشتراط تبين الحمل هو ليكون على بصيرة من الأمر.
وهذه أول محاولة لرأب الصدع في بناء الأسرة، ومحاولة دفع المعول عن ذلك البناء.
وليس معنى هذا أن الطلاق لا يقع إلا في هذه الفترة. فهو يقع حيثما طلق. ولكنه يكون مكروها من الله، مغضوبا عليه من رسول الله. وهذا الحكم يكفي في ضمير المؤمن ليمسك به حتى يأتي الأجل. فيقضي الله ما يريد في هذه المسألة. {وأحصوا العدة}..
كي لا يكون في عدم إحصائها إطالة للأمد على المطلقة، ومضارة لها بمنعها من الزواج بعد العدة. أو نقص في مدتها لا يتحقق به الغرض الأول، وهو التأكد من براءة رحم المطلقة من الحمل المستكن حفظا للأنساب. ثم هو الضبط الدقيق الذي يوحي بأهمية الأمر، ومراقبة السماء له، ومطالبة أصحابه بالدقة فيه!
{واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}.
هذا أول تنبيه- بعد وهلة النداء الأول- وأول تحذير من الله وتقديم تقواه. قبل الأمر بعدم إخراجهن من بيوتهن- وهي بيوت أزواجهن ولكنه يسميها بيوتهن لتوكيد حقهن في الإقامة بها فترة العدة- لا يخرجن منها ولا يخرجن، إلا في حالة وقوع فاحشة ظاهرة منهن. وقد ورد أن هذه الفاحشة قد تكون الزنا فتخرج للحد: وقد تكون إيذاء أهل الزوج. وقد تكون هي النشوز على الزوج- ولو أنه مطلق- وعمل ما يؤذيه. ذلك أن الحكمة من إبقاء المطلقة في بيت الزوج هي إتاحة الفرصة للرجعة، واستثارة عواطف المودة، وذكرياتالحياة المشتركة، حيث تكون الزوجة بعيدة بحكم الطلاق قريبة من العين؛ فيفعل هذا في المشاعر فعله بين الإثنين! فأما حين ترتكس في حمأة الزنا وهي في بيته! أو تؤذي أهله، أو تنشز عليه، فلا محل لاستحياء المشاعر الطيبة، واستجاشة المودة الدفينة. ولا حاجة إلى استبقائها في فترة العدة. فإن قربها منه حينذاك يقطع الوشائج ولا يستحييها!
{تلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه}..
وهذا هو التحذير الثاني. فالحارس لهذا الحكم هو الله. فأي مؤمن إذن يتعرض لحد يحرسه الله؟! إنه الهلاك والبوار.. {ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه}.. ظلم نفسه لتعريضها هكذا لبأس الله القائم على حدوده يحرسها ويرعاها. وظلم نفسه بظلم زوجه. وهي وهو من نفس واحدة، فما يظلمها يظلمه كذلك بهذا الاعتبار.. ثم..
{لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}.
وهي لمسة موحية مؤثرة. فمن ذا الذي يعلم غيب الله وقدره المخبوء وراء أمره بالعدة، وأمره ببقاء المطلقات في بيوتهن.. إنه يلوح هناك أمل، ويوصوص هناك رجاء. وقد يكون الخير كله. وقد تتغير الأحوال وتتبدل إلى هناءة ورضى. فقدر الله دائم الحركة، دائم التغيير، ودائم الأحداث. والتسليم لأمر الله أولى، والرعاية له أوفق، وتقواه ومراقبته فيها الخير يلوح هناك!
الدرس الثاني: 2- 3 ماذا بعد انتهاء العدة وفتح باب الأمل:
والنفس البشرية قد تستغرقها اللحظة الحاضرة، وما فيها من أوضاع وملابسات، وقد تغلق عليها منافذ المستقبل، فتعيش في سجن اللحظة الحاضرة، وتشعر أنها سرمد، وأنها باقية، وأن ما فيها من أوضاع وأحوال سيرافقها ويطاردها.. وهذا سجن نفسي مغلق مفسد للأعصاب في كثير من الأحيان.
وليست هذه هي الحقيقة. فقدر الله دائما يعمل، ودائما يغير، ودائما يبدل، ودائما ينشئ ما لا يجول في حسبان البشر من الأحوال والأوضاع. فرج بعد ضيق. وعسر بعد يسر. وبسط بعد قبض. والله كل يوم هو في شأن، يبديه للخلق بعد أن كان عنهم في حجاب.
ويريد الله أن تستقر هذه الحقيقة في نفوس البشر، ليظل تطلعهم إلى ما يحدثه الله من الأمر متجددا ودائما. ولتظل أبواب الأمل في تغيير الأوضاع مفتوحة دائمة. ولتظل نفوسهم متحركة بالأمل، ندية بالرجاء، لا تغلق المنافذ ولا تعيش في سجن الحاضر. واللحظة التالية قد تحمل ما ليس في الحسبان.. {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}..
{فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا}..
وهذه هي المرحلة الثانية وهذا هو حكمها. وبلوغ الأجل آخر فترة العدة. وللزوج ما دامت المطلقة لم تخرج من العدة- على آجالها المختلفة التي سبق بيانها- أن يراجعها فتعود إلى عصمته بمجرد مراجعتها- وهذا هو إمساكها- أو أن يدع العدة تمضي فتبين منه ولا تحل له إلا بعقد جديد كالزوجة الجديدة. وسواء راجع أم فارق فهو مأمور بالمعروف فيهما. منهي عن المضارة بالرجعة، كأن يراجعها قبيل انتهاء العدة ثم يعود فيطلقها.
{فإِذا بلغْن أجلهُنّ فأمْسِكُوهُنّ بِمعْرُوفٍ أوْ فارِقُوهُنّ بِمعْرُوفٍ وأشْهِدُوا ذويْ عدْلٍ مِّنكُمْ وأقِيمُوا الشّهادة لله ذلِكُمْ يُوعظُ بِهِ من كان يُؤْمِنُ بِالله والْيوْمِ الْآخِرِ ومن يتّقِ الله يجْعل لّهُ مخْرجا (2) ويرْزُقْهُ مِنْ حيْثُ لا يحْتسِبُ ومن يتوكّلْ على الله فهُو حسْبُهُ إِنّ الله بالِغُ أمْرِهِ قدْ جعل الله لِكُلِّ شيْءٍ قدْرا (3)}
الثانية ثم الثالثة ليطيل مدة بقائها بلا زواج! أو أن يراجعها ليبقيها كالمعلقة، ويكايدها لتفتدي منه نفسها- وكان كلاهما يقع عند نزول هذه السورة، وهو ما يزال يقع كلما انحرفت النفوس عن تقوى الله. وهي الضمان الأول لأحكامه في المعاشرة والفراق. كذلك هو منهي عن المضارة في الفراق بالسب والشتم والغلظة في القول والغضب، فهذه الصلة تقوم بالمعروف وتنتهي بالمعروف استبقاء لمودات القلوب؛ فقد تعود إلى العشرة، فلا تنطوي على ذكرى رديئة، لكلمة نابية، أو غمزة شائكة، أو شائبة تعكر صفائها عندما تعود. ثم هو الأدب الإسلامي المحض الذي يأخذ الإسلام به الألسنة والقلوب.
وفي حالتي الفراق أو الرجعة تطلب الشهادة على هذه وذاك. شهادة اثنين من العدول. قطعا للريبة. فقد يعلم الناس بالطلاق ولا يعلمون بالرجعة، فتثور شكوك وتقال أقاويل. والإسلام يريد النصاعة والطهارة في هذه العلاقات وفي ضمائر الناس وألسنتهم على السواء. والرجعة تتم وكذلك الفرقة بدون الشهادة عند بعض الفقهاء ولا تتم عند بعضهم إلا بها. ولكن الإجماع أن لابد من الشهادة بعد أو مع الفرقة أو الرجعة على القولين.
وعقب بيان الحكم تجيء اللمسات والتوجيهات تترى:
{وأقيموا الشهادة لله}..
فالقضية قضية الله، والشهادة فيها لله، هو يأمر بها، وهو يراقب استقامتها، وهو يجزي عليها. والتعامل فيها معه لا مع الزوج ولا الزوجة ولا الناس!
{ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر}.
والمخاطبون بهذه الأحكام هم المؤمنون المعتقدون باليوم الآخر. فهو يقول لهم: إنه يعظهم بما هو من شأنهم. فإذا صدقوا الإيمان به وباليوم الآخر فهم إذن سيتعظون ويعتبرون. وهذا هو محك إيمانهم، وهذا هو مقياس دعواهم في الإيمان!
{ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}..
مخرجا من الضيق في الدنيا والآخرة، ورزقا من حيث لا يقدر ولا ينتظر. وهو تقرير عام، وحقيقة دائمة. ولكن إلصاقها هنا بأحكام الطلاق يوحي بدقة انطباقها وتحققها عندما يتقي المتقون الله في هذا الشأن بصفة خاصة. وهو الشأن الذي لا ضابط فيه أحس ولا أدق من ضابط الشعور والضمير، فالتلاعب فيه مجاله واسع، لا يقف دونه إلا تقوى الله وحساسية الضمير.
{ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره}..
فمجال الكيد في هذه العلاقة واسع، ومسالكه كثيرة، وقد تؤدي محاولة اتقاء الكيد إلى الكيد! فهنا إيحاء بترك هذه المحاولة، والتوكل على الله، وهو كاف لمن يتوكل عليه. فالله بالغ أمره. فما قدر وقع، وما شاء كان؛ فالتوكل عليه توكل على قدرة القادر، وقوة القاهر. الفعال لما يريد. البالغ ما يشاء.
والنص عام. والمقصود به هو إنشاء التصور الإيماني الصحيح في القلب، بالنسبة لإرادة الله وقدره.. ولكن وروده هنا بمناسبة أحكام الطلاق له إيحاؤه في هذا المجال وأثره.
{قد جعل الله لكل شيء قدرا}..
فكل شيء مقدر بمقداره، وبزمانه، وبمكانه، وبملابساته، وبنتائجه وأسبابه. وليس شيء مصادفة، وليس شيء جزافا. في هذا الكون كله، وفي نفس الإنسان وحياته.. وهي حقيقة ضخمة يقوم عليها جانب كبير من التصور الإيماني. وقد فصلنا الحديث عنها عند استعراض قوله تعالى: {وخلق كل شيء فقدره تقديرا} في سورة الفرقان. وعند قوله تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر}.. في سورة القمر. ولكن ذكر هذه الحقيقة الكلية هنا يربط بها ما قدره الله عن الطلاق وفترته، والعدة ووقتها، والشهادة وإقامتها. ويطبع هذه الأحكام بطابع السنة الإلهية النافذة، والناموس الكلي العام. ويوقع في الحس أن الأمر جد من جد النظام الكوني المقدر في كل خلق الله.
{واللائِي يئِسْن مِن الْمحِيضِ مِن نِّسائِكُمْ إِنِ ارْتبْتُمْ فعِدّتُهُنّ ثلاثةُ أشْهُرٍ واللائِي لمْ يحِضْن وأُوْلاتُ الْأحْمالِ أجلُهُنّ أن يضعْن حمْلهُنّ ومن يتّقِ الله يجْعل لّهُ مِنْ أمْرِهِ يُسْرا (4) ذلِك أمْرُ الله أنزلهُ إِليْكُمْ ومن يتّقِ الله يُكفِّرْ عنْهُ سيِّئاتِهِ ويُعْظِمْ لهُ أجْرا (5)}
الدرس الثالث: 4- 5 عدة أنواع من المطلقات وتوجيه إليهن بتقوى الله:
{واللائي يئسن من المحيض من نسائكم- إن ارتبتم- فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا}.
وهذا تحديد لمدة العدة لغير ذوات الحيض والحمل. يشمل اللواتي انقطع حيضهن، واللاتي لم يحضن بعد لصغر أو لعلة. ذلك أن المدة التي بينت من قبل في سورة البقرة كانت تنطبق على ذوات الحيض- وهي ثلاث حيضات أو ثلاثة أطهار من الحيضات. حسب الخلاف الفقهي في المسألة- فأما التي انقطع حيضها والتي لم تحض أصلا فكان حكمها موضع لبس: كيف تحسب عدتها؟ فجاءت هذه الآية تبين وتنفي اللبس والشك، وتحدد ثلاثة أشهر لهؤلاء وهؤلاء، لاشتراكهن في عدم الحيض الذي تحسب به عدة أولئك. أما الحوامل فجعل عدتهن هي الوضع. طال الزمن بعد الطلاق أم قصر. ولو كان أربعين ليلة فترة الطهر من النفاس. لأن براءة الرحم بعد الوضع مؤكدة، فلا حاجة إلى الانتظار. والمطلقة تبين من مطلقها بمجرد الوضع، فلا حكمة في انتظارها بعد ذلك، وهي غير قابلة للرجعة إليه إلا بعقد جديد على كل حال. وقد جعل الله لكل شيء قدرا. فليس هناك حكم إلا ووراءه حكمة.
هذا هو الحكم ثم تجيء اللمسات والتعقيبات:
{ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا}..
واليسر في الأمر غاية ما يرجوه إنسان. وإنها لنعمة كبرى أن يجعل الله الأمور ميسرة لعبد من عباده. فلا عنت ولا مشقة ولا عسر ولا ضيقة. يأخذ الأمور بيسر في شعوره وتقديره. وينالها بيسر في حركته وعمله. ويرضاها بيسر في حصيلتها ونتيجتها. ويعيش من هذا في يسر رخي ندي، حتى يلقى الله.. ألا إنه لإغراء باليسر في قضية الطلاق مقابل اليسر في سائر الحياة!
{ذلك أمر الله أنزله إليكم}..
وهذه لمسة أخرى في جانب آخر. لمسة الجد والانتباه إلى مصدر الأمر.. فقد أنزله الله. أنزله للمؤمنين به، فطاعته تحقيق لمعنى الإيمان، ولحقيقة الصلة بينهم وبين الله.
ثم عودة إلى التقوى التي يدق عليها دقا متواصلا في هذا المجال:
{ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا}..
فالأولى تيسير للأمور. والثانية تكفير للسيئات وإعظام للأجر بعد التكفير.. فهو الفيض المغري والعرض المثير. وهو حكم عام ووعد شامل. ولكنه يخلع على موضوع الطلاق ظلاله، ويغمر القلب بالشعور بالله وفضله العميم. فما له إذن يعسر ويعقد والله يغمره بالتيسير والمغفرة والأجر الكبير؟
الدرس الرابع: 6- 7 ما يترتب على الطلاق من نفقة وسكن ورضاع:
{أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا (7)}.
وهذا هو البيان الأخير لتفصيل مسألة الإقامة في البيوت، والإنفاق في فترة العدة- على اختلاف مدتها. فالمأمور به هو أن يسكنوهن مما يجدون هم من سكنى. لا أقل مما هم عليه في سكناهم، وما يستطيعونه حسب مقدرتهم وغناهم. غير عامدين إلى مضارتهم سواء بالتضييق عليهن في فسحة المسكن أو مستواه أو في المعاملة فيه. وخص ذوات الأحمال بذكر النفقة- مع وجوب النفقة لكل معتدة- لتوهم أن طول مدة الحمل يحدد زمن الإنفاق ببعضه دون بقيته، أو بزيادة عنه إذا قصرت مدته. فأوجب النفقة حتى الوضع، وهو موعد انتهاء العدة لزيادة الإيضاح التشريعي.
ثم فصل مسألة الرضاعة فلم يجعلها واجبا على الأم بلا مقابل. فما دامت ترضع الطفل المشترك بينهما، فمن حقها أن تنال أجرا على رضاعته تستعين به على حياتها وعلى إدرار اللبن للصغير، وهذا منتهى المراعاة للأم في هذه الشريعة. وفي الوقت ذاته أمر الأب والأم أن يأتمرا بينهما بالمعروف في شأن هذا الوليد، ويتشاورا في أمره ورائدهما مصلحته، وهو أمانة بينهما، فلا يكون فشلهما هما في حياتهما نكبة على الصغير البريء فيهما!
وهذه هي المياسرة التي يدعوهما الله إليها. فأما إذا تعاسرا ولم يتفقا بشأن الرضاعة وأجرها، فالطفل مكفول الحقوق: {فسترضع له أخرى}.. دون اعتراض من الأم ودون تعطيل لحق الطفل في الرضاعة، بسبب تعاسرهما بعد فشلهما!
ثم يفصل الأمر في قدر النفقة. فهو اليسر والتعاون والعدل. لا يجور هو، ولا تتعنت هي. فمن وسع الله عليه رزقه فلينفق عن سعة. سواء في السكن أو في نفقة المعيشة أو في أجر الرضاعة. ومن ضيق عليه في الرزق، فليس عليه من حرج، فالله لا يطالب أحدا أن ينفق إلا في حدود ما آتاه. فهو المعطي، ولا يملك أحد أن يحصل على غير ما أعطاه الله. فليس هناك مصدر آخر للعطاء غير هذا المصدر، وليست هناك خزانة غير هذه الخزانة: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها}..
ثم لمسة الإرضاء، وإفساح الرجاء، للاثنين على السواء:
{سيجعل الله بعد عسر يسرا}..
فالأمر منوط بالله في الفرج بعد الضيق، واليسر بعد العسر. فأولى لهما إذن أن يعقدا به الأمر كله، وأن يتجها إليه بالأمر كله، وأن يراقباه ويتقياه والأمر كله إليه. وهو المانح المانع. القابض الباسط. وبيده الضيق والفرج، والعسر واليسر، والشدة والرخاء.
وإلى هنا يكون قد تناول سائر أحكام الطلاق ومتخلفاته، وتتبع كل أثر من آثاره حتى انتهى إلى حل واضح؛ ولم يدع من البيت المتهدم أنقاضا ولا غبارا يملأ النفوس ويغشى القلوب، ولم يترك بعده عقابيل غير مستريحة بعلاج، ولا قلاقل تثير الاضطراب.
وكذلك يكون قد عالج جميع الوساوس والهواجس التي تثور في القلوب، فتمنعها من السماحة والتيسير والتجمل للأمر. فأبعد أشباح الفقر والضيق وضياع الأموال من نفس الزوج إذا هو أسكن وأنفق ووسع على مطلقته أو مرضعة ولده. ومن نفس الزوجة التي تضيق بنفقة الإعسار، أو تطمع في زيادة ما تصيب من مال زوجها السابق. فأكد اليسر بعد العسر لمن اتقى، والضيق بعد الفرج، والرزق من حيث لا يحتسب، وفوق رزق الدنيا رزق الآخرة والأجر الكبير هناك بعد التكفير.
كما عالج ما تخلفه حالة الخلاف والشقاق التي أدت إلى الطلاق. من غيظ وحنق ومشادة وغبار في الشعور والضمير.. فمسح على هذا كله بيد الرفق والتجمل، ونسم عليه من رحمة الله والرجاء فيه؛ ومن ينابيع المودة والمعروف التي فجرها في القلوب بلمسات التقوى والأمل في الله وانتظار رضاه.
وهذا العلاج الشامل الكامل، وهذه اللمسات المؤثرة العميقة، وهذا التوكيد الوثيق المتكرر.. هذه كلها هي الضمانات الوحيدة في هذه المسألة لتنفيذ الشريعة المقررة. فليس هناك ضابط إلا حساسية الضمائر وتقوى القلوب. وإن كلا الزوجين ليملك مكايدة صاحبه حتى تنفقئ مرارته إذا كانت الحواجز هي فقط حواجز القانون!! وبعض الأوامر من المرونة بحيث تسع كل هذا. فالأمر بعدم المضارة: ولا تضاروهن يشمل النهي عن ألوان من العنت لا يحصرها نص قانوني مهما اتسع. والأمر فيه موكول إلى هذه المؤثرات الوجدانية، وإلى استجاشة حاسة التقوى وخوف الله المطلع على السرائر، المحيط بكل شيء علما. وإلى التعويض الذي يعده الله للمتقين في الدنيا والآخرة. وبخاصة في مسألة الرزق التي تكرر ذكرها في صور شتى، لأنها عامل مهم في تيسير الموقف، وتندية الجفاف الذي تنشئه حالة الطلاق..
وإن الزوجين ليفارقان- في ظل تلك الأحكام والتوجيهات- وفي قلوبهما بذور للود لم تمت، ونداوة قد تحيي هذه البذور فتنبت.. ذلك إلى الأدب الجميل الرفيع الذي يريد الإسلام أن يصبغ به حياة الجماعة المسلمة، ويشيع فيها أرجه وشذاه.
{وكأيِّن مِّن قرْيةٍ عتتْ عنْ أمْرِ ربِّها ورُسُلِهِ فحاسبْناها حِسابا شدِيدا وعذّبْناها عذابا نُّكْرا (8)}
الدرس الخامس: 8- 11 عاقبة المتمردين على أحكام الله وثواب المطيعين لله:
فإذا انتهى السياق من هذا كله ساق العبرة الأخيرة في مصير الذين عتوا عن أمر ربهم ورسله، فلم يسمعوا ولم يستجيبوا. وعلق هذه العبرة على الرؤوس، تذكرهم بالمصير البائس الذي ينتظر من لا يتقي ولا يطيع. كما تذكرهم بنعمة الله على المؤمنين المخاطبين بالسورة والتشريع:
{وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا..}
وهو إنذار طويل وتحذير مفصل المشاهد. كما أنه تذكير عميق بنعمة الله بالإيمان والنور، ووعده بالأجر في الآخرة وهو أحسن الرزق وأكرمه.
فأخذ الله لمن يعتو عن أمره ولا يسلم لرسله هو سنة متكررة: {وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا}. وتفصيل أخذها وذكر الحساب العسير والعذاب النكير ,
{فذاقتْ وبال أمْرِها وكان عاقِبةُ أمْرِها خُسْرا (9) أعدّ الله لهُمْ عذابا شدِيدا فاتّقُوا الله يا أُوْلِي الْألْبابِ الّذِين آمنُوا قدْ أنزل الله إِليْكُمْ ذِكْرا (10)}
ثم تصوير العاقبة وسوء المصير: {فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا}.. ثم تأخير صورة هذه العاقبة الخاسرة في الآية التالية: {أعد الله لهم عذابا شديدا}.. كل هذا لإطالة المشهد وتفصيل خطواته ومراحله. وهي طريقة من طرق الأسلوب القرآني في تعميق الأثر في الحس وإطالة مكثه في الأعصاب.
ونقف لحظة أمام هذا التحذير فنرى أن الله أخذ القرى واحدة بعد واحدة كلما عتت عن أمر ربها ورسله.. ونجد أن هذا التحذير يساق هنا بمناسبة الطلاق وأحكامه، فيرتبط الطلاق وحكمه بهذه السنة الكلية. ويوحي هذا الارتباط أن أمر الطلاق ليس أمر أسر أو أزواج. إنما هو أمر الأمة المسلمة كلها. فهي المسؤولة عن هذا الأمر. وهي المسؤولة فيه عن شريعة الله. ومخالفتها عن أمر الله فيه- أو مخالفتها عن أمر الله في غيره من أحكام هذا النظام، أو هذا المنهج الإلهي المتكامل للحياة- هي عتو عن أمر الله، لا يؤاخذ به الأفراد الذين يرتكبونه، إنما تؤاخذ به القرية أو الأمة التي تقع فيها المخالفة، والتي تنحرف في تنظيم حياتها عن نهج الله وأمره. فقد جاء هذا الدين ليطاع، ولينفذ كله، وليهيمن على الحياة كلها. فمن عتا عن أمر الله فيه- ولو كان هذا في أحوال الأفراد الشخصية- فقد تعرض لما تعرضت له القرى من سنة الله التي لا تتخلف أبدا.
وتلك القرى ذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا.. ذاقته في هذه الأرض قبل يوم الحساب الأخير. ولقد ذاقت هذا الوبال قرى وأمم وشعوب عتت عن منهج الله في الأرض. ونحن نشهد وأسلافنا شهدوا هذا الوبال. ذاقته فسادا وانحلالا، وفقرا وقحطا، وظلما وجورا، وحياة مفزعة لا أمن فيها ولا سلام، ولا طمأنينة فيها ولا استقرار. وفي كل يوم نرى مصداق هذا النذير!
وذلك فوق العذاب الشديد الذي ينتظر العتاة عن أمر الله ونهجه في الحياة حيث يقول الله: {أعد الله لهم عذابا شديدا}.. والله أصدق القائلين.
إن هذا الدين منهج نظام جماعي- كما أسلفنا الحديث في سورة الصف- جاء لينشئ جماعة مسلمة ذات نظام خاص. وجاء ليصرف حياة هذه الجماعة كلها. ومن ثم فالجماعة كلها مسؤولة عنه، مسؤولة عن أحكامه. ولن تخالف عن هذه الأحكام حتى يحق عليها هذا النذير الذي حق على القرى التي عتت عن أمر ربها ورسله.
وفي مواجهة هذا الإنذار ومشاهده الطويلة يهتف بأولي الألباب الذين آمنوا. الذين هدتهم ألبابهم إلى الإيمان. يهتف بهم ليتقوا الله الذي أنزل لهم الذكر: {قد أنزل الله إليكم ذكرا}.. ويجسم هذا الذكر ويمزجه بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم فيجعل شخصه الكريم هو الذكر، أو بدلا منه في العبارة: {رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات}..
وهنا لفتة مبدعة عميقة صادقة ذات دلائل منوعة..
إن هذا الذكر الذي جاء من عند الله مر إليهم من خلال شخصية الرسول الصادق حتى لكأن الذكر نفذ إليهم مباشرة بذاته، لم تحجب شخصية الرسول شيئا من حقيقته.
والوجه الثاني لإيحاء النص هو أن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم قد استحالت ذكرا، فهي صورة مجسمة لهذا الذكر صنعت به فصارت هو. وهو ترجمة حية لحقيقة القرآن. وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا وصفته عائشة- رضي الله عنها- وهي تقول: «كان خلقه القرآن».. وهكذا كان القرآن في خاطره في مواجهة الحياة. وكان هو القرآن يواجه الحياة!
{رّسُولا يتْلُو عليْكُمْ آياتِ الله مُبيِّناتٍ لِّيُخْرِج الّذِين آمنُوا وعمِلُوا الصّالِحاتِ مِن الظُّلُماتِ إِلى النُّورِ ومن يُؤْمِن بِالله ويعْملْ صالِحا يُدْخِلْهُ جنّاتٍ تجْرِي مِن تحْتِها الْأنْهارُ خالِدِين فِيها أبدا قدْ أحْسن الله لهُ رِزْقا (11) الله الّذِي خلق سبْع سماواتٍ ومِن الْأرْضِ مِثْلهُنّ يتنزّلُ الْأمْرُ بيْنهُنّ لِتعْلمُوا أنّ الله على كُلِّ شيْءٍ قدِيرٌ وأنّ الله قدْ أحاط بِكُلِّ شيْءٍ عِلْما (12)}
وفوق نعمة الذكر والنور والهداية والصلاح، وعد بنعيم الجنات خالدين فيها أبدا. وتذكير بأن هذا الرزق هو أحسن الرزق، فلا يقاس إليه رزق الأرض: {قد أحسن الله له رزقا}.. وهو الرازق في الدنيا والآخرة، ولكن رزقا خير من رزق، واختياره للأحسن هو الاختيار الحق الكريم.
وهكذا يلمس نقطة الرزق مرة أخرى، ويهون بهذه الإشارة من رزق الأرض، إلى جانب رزق الجنة. بعدما وعد في المقاطع الأولى بسعة رزق الأرض أيضا..
الدرس السادس: 12 الله الخالق للسماوات والأرض العالم بما فيها:
وفي الختام يجيء ذلك الإيقاع الكوني الهائل، فيربط موضوع السورة وتشريعاتها وتوجيهاتها بقدر الله وقدرة الله، وعلم الله، في المجال الكوني العريض:
{الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما}..
والسماوات السبع لا علم لنا بحقيقة مدلولها وأبعادها ومساحاتها. وكذلك الأراضي السبع. فقد تكون أرضنا هذه التي نعرفها واحدة منهن والباقيات في علم الله. وقد يكون معنى مثلهن أن هذه الأرض من جنس السماوات فهي مثلهن في تركيبها أو خصائصها.. وعلى أية حال فلا ضرورة لمحاولة تطبيق هذه النصوص على ما يصل إليه علمنا، لأن علمنا لا يحيط بالكون، حتى نقول على وجه التحقيق: هذا ما يريده القرآن. ولن يصح أن نقول هكذا إلا يوم يعلم الإنسان تركيب الكون كله علما يقينيا.. وهيهات..!
فننتفع بإيحاء هذه الإشارة إلى تلك الحقيقة في مجالها النفسي، وفي إنشاء التصور الإيماني الكوني الصحيح.
والإشارة إلى هذا الكون الهائل: {سبع سماوات ومن الأرض مثلهن}.. يهول الحس ويقف القلب وجها لوجه أمام مشهد من مشاهد قدرة الخالق، وسعة ملكه، تصغر أمامه هذه الأرض كلها، فضلا على بعض ما فيها، فضلا على حادث من أحداثها. فضلا على دريهمات ينفقها الزوج أو تتنازل عنها الزوجة!
وبين هذه السماوات السبع والأرض أو الأرضين السبع يتنزل أمر الله- ومنه هذا الأمر الذي هم بصدده في هذا السياق. فهو أمر هائل إذن، حتى بمقاييس البشر وتصوراتهم في المكان والزمان بقدر ما يطيقون التصور. والمخالفة عنه مخالفة عن أمر تتجاوب به أقطار السماوات والأرضين، ويتسامع به الملأ الأعلى وخلق الله الأخرون في السماوات والأرضين. فهي مخالفة بلقاء شنعاء، لا يقدم عليها ذو عقل مؤمن، جاءه رسول يتلو عليه آيات الله مبينات، ويبين له هذا الأمر، ليخرجه من الظلمات إلى النور..
وهذا الأمر يتنزل بين السماوات والأرض، لينشئ في قلب المؤمن عقيدة أن الله على كل شيء قدير؛ فلا يعجزه شيء مما يريد. وأنه أحاط بكل شيء علما؛ فلا يند عن علمه شيء مما يكون في ملكه الواسع العريض، ولا مما يسرونه في حنايا القلوب.
ولهذه اللمسة قيمتها هنا من وجهين:
الأول أن الله الذي أحاط بكل شيء علما هو الذي يأمر بهذه الأحكام. فقد أنزلها وهو يحيط بكل ظروفهم وملابساتهم ومصالحهم واستعداداتهم. فهي أولى بالاتباع لا يلتفتون عنها أدنى التفات؛ وهي من وضع العليم المحيط بكل شيء علما.
والثاني أن هذه الأحكام بالذات موكولة إلى الضمائر، فالشعور بعلم الله واطلاعه على كل شيء هو الضمانلحساسية هذه الضمائر، في شأن لا يجدي فيه شيء إلا تقوى الله العليم بذات الصدور.
وهكذا تختم السورة بهذا الإيقاع الذي يهول ويروع، بقدر ما يحرك القلوب لتخبت وتطيع. فسبحان خالق القلوب، العليم بما فيها من المنحنيات والدروب!. اهـ.